ثقافة يتهدّدها الإفلاس: مهرجانات تونسية على وشك الاندثار
عروض غير مدفوعة وفنانون يهددون بالدخول في اضراب جوع في حال لم يتم سداد مستحقاتهم.. الضائقة المالية التي تمر بها بعض التظاهرات الثقافية الصيفية بلغت حد التوقف على غرار مهرجان جربة اوليس الذي ألغي لسنتين متتاليتين. فأين وزارة الثقافة والسلط الجهوية و المركزية من كل هذا؟
غير بعيد عن مهرجان قرطاج الدولي والذي تخصص له سنويا مئات الملايين لتأثيث سهراته بأضخم العروض، يئن مهرجان بن عروس تحت وطأة الافلاس. مدير المهرجان محمد المشرقي يحمل البلدية مسؤولية الفوضى التي عمت عروض النسخة الاخيرة لهذه التظاهرة قائلا: «لقد وعدتنا البلدية بتمكيننا من مبلغ مالي قدره 10 الاف دينار ولكنها لم تفي بهذا الوعد». بل وجّه المشرقي اتهاما مباشرا لرئيس النيابة الخصوصية ببن عروس الاحتفاظ بالمبلغ دون تقديمه للمهرجان وذلك لأسباب شخصية على حد قوله. وازاء تلويح عدد من الفنانين بشن اضراب جوع في صورة عدم خلاص مستحقاتهم تدخل والي الجهة واعدا اياهم بتسلم المبلغ في موفى الأسبوع المقبل.
مهرجان دولي على ابواب التسول
من المفترض ان يكون لاي مهرجان دولي ميزانية واضحة المعالم، من خلالها تتم برمجة العروض والوفاء بالوعود المالية للفنانين و الفرق الموسيقية والتجهيزات التقنية وغيرها من متطلبات تظاهرة تدعي انها دولية الصفة. ولكن حال مهرجان الزهراء لا يتطابق وهذه المقاييس. لا غرابة اذن ان تحاول ادارة المهرجان جاهدة لتسول بضع الاف الدينارات من السلط الجهوية والمركزية لبرمجة عدد من العروض. وفي ذات السياق أكد لنا السيد الصحبي بن عبد الله عضو الهيئة الادارية لمهرجان الزهراء الدولي أن سلطات الاشراف من ولاية ووزارة قد اخلت بوعودها، وقال بن عبد الله ان ادارة المهرجان طلبت مبلغ 20 ألف دينار على أقل تقدير لتتلقى في الأخير 10 الاف دينار فقط.
الوضعية الكارثية للمهرجان دفعت بادارته الى التأقلم مع هذه الظروف. فنانون وعملة يتم استعطافهم للتحلي بالصبر لشهور قبل ان يتم خلاص أجورهم ومديونية قد تتواصل لتبلغ مفتتح الدورة القادمة للتظاهرة.
جربة أوليس يختفي
احتجاب فعودة فغياب. ذلك هو حال مهرجان جربة اوليس الدولي. حيث سجل المهرجان هذه الصائفة غيابا مرة اخرى اثر عودته السنة الفارطة وبعد غياب دام لسنتين، وذلك في ظل لا مبالاة من السلط امام الازمة التي تحاصر اكبر تظاهرة ثقافية وسياحية بجزيرة جربة, وقد أفاد موظف بالمندوبية الجهوية للثقافة بمدنين أن من اسباب غياب التظاهرة هذه السنة النقص الفادح في التمويلات والاشهار وقلة المساهمات من منظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة هذا كله رغم رصد مبلغ مالي من وزارة الثقافة والمندوبية الجهوية للثقافة بمدنين على حد قوله. وفي المقابل صرح رئيس المهرجان الصيفي بزغوان شكري بن حسين أن سلطات الاشراف لم تخل بوعودها هذه وقد تم انجاز برنامج المهرجان وفق أجندة مضبوطة.
ومهرجان صفاقس يخسر 100 مليون..
شح الموارد المالية وعدم التزام بعض السلط الجهوية بوعودها في التمويل صار يمثل عائقا و كابوسا لدى المهرجانات الصغرى،على غرار ما يشير اليه محمد بن الطاهر أمين مال مهرجان نفطة الصيفي الذي ذكر أن مندوبية الثقافة بالجهة قد موّلتهم بما قيمته 9 الاف دينار بينما تلقت 1.5 مليون دينار فقط من مجموع 3 الاف دينار. وقال بن الطاهر أن الولاية والمعتمدية لا تبديان اهتماما بالمهرجان رغم .قيمته الفنية والسياحية.
اما مهرجان صفاقس الدولي وبالرغم من حصوله على دعم سخي من وزارة الثقافة فقد واجه مشكلا اخر تمثل في العزوف الكبير للجمهور. لذلك تكبد خسائر فاقت المائة الف دينار. مصادر من مندوبية الثقافة فسرت هذه الخسائر باساءة تنظيم الحفلات مما جعل الجمهور يعزف عن القدوم الى المهرجان.
مهرجانات اخرى تواجه مشاكل في التراخيص والفضاءات المحتضنة للعروض. وفي هذا السياق يشير مدير مهرجان مدنين الى أنّ فعاليات الدورة من المهرجان قد انطلقت في ظروف صعبة للغاية، بسبب التأخير في الحصول على الترخيص للمسرح والحال أنه استقبل عروضا فنية فيما قبل.
وعلى ضوء هذه المشاكل المالية الجمة التي تحاصر العديد من المهرجانات الجهوية والصغرى، يظل الحديث عن المطالبة بتقديم عروض فنية قيمة مجرد ترف بل وهراء لا طائل منه. المسؤولية ملقاة على السلط بمختلف هياكلها بالاضافة الى الاستثمار الخاص والشركات الاقتصادية الكبرى لشد ازر هذه التظاهرات اذا اردنا انقاذ هذه المهرجانات.
إعداد: نضال الصيد